إختيار المحررالعرض في الرئيسةتحليلات

بعد تصريحات القائم بالأعمال الروسي .. الملف اليمني يدخل مزاد المقايضات الاقليمية والدولية

يمنات – خاص

أنس القباطي

بات انسداد الافق هو سيد الموقف في الأزمة اليمنية، عقب فشل مفاوضات الكويت في التوصل لاتفاق ينهي الحرب و الحصار و القصف الجوي المستمر منذ أكثر من 500 يوم.

فشل مفاوضات الكويت، ظهر جليا في جلسة مجلس الأمن مجلس الأمن الشهر الماضي، حين اعترض المندوب الروسي على مشروع بيان بريطاني بشأن اليمن، و هو ما جعل الملف اليمني يدخل مزاد المقايضات الدولية و الاقليمية.

و في ظل هذه المتغيرات، أصبح الرهان على توصل القوى الداخلية المتصارعة لاتفاق يحل الأزمة اليمنية و ينهي الحرب، أمر معقدا أكثر من ذي قبل، في ظل استمرار الخلافات بين القوى الدولية و الاقليمية الفاعلة.

مؤشرات

خلافات هذه القوى بدأت مؤشراتها في أخر جلسة لمجلس الأمن الدولي بشأن اليمن، في يوليو/تموز الماضي، باعتراض المندوب الروسي على مشروع بيان قدمه المندوب البريطاني، يدين أطراف صنعاء و يحملهم مسئولية فشل مفاوضات الكويت، و أصبح أكثر وضوحا، بحضور القائم بأعمال السفير الروسي بصنعاء، حفل التسليم و الاستلام بين اللجنة الثورية و المجلس السياسي في القصر الجمهوري بصنعاء، و الذي أكد تأييد بلاده لتشكيل المجلس، مطالبا الشعب اليمني أن لا يكون الخلاف حول الشرعية، مطالبا الشعب أن يكون الوفاق الوطني هو السبيل في الوصول إلى تسوية.

و تزامنت هذه التصريحات مع تصريح للسفير الروسي، أكد فيها أن حل الأزمة اليمنية عن طريق التفاوض فقط، و أن الوضع السياسي العسكري في اليمن يتفاقم حاليا والمعارك تجري الآن حتى في أراضي السعودية. معتبرا أن قضية خطيرة معقدة بدأت تتشكل حول الأزمة اليمنية بعد التصعيد الأمني.

روسيا والملف اليمني

من ذلك يبدو أن الحسابات الروسية في المنطقة بدأت ترى ضرورة التواجد في ملف الأزمة اليمنية، خاصة بعد التعقيدات التي بدأت تظهر في ملف الأزمة السورية، التي تعد روسيا فاعلا رئيسا فيها.

الحسابات الروسية تنطلق من أن حل الأزمة اليمنية بعيدا عنها، و ترك السعودية و الرباعية الدولية التي اجتمعت في لندن، و خرجت بمشروع البيان البريطاني، الذي قدم في جلسة مجلس الأمن بشأن اليمن، من يرسم الخطوط العريضة للحل في اليمن، سيضع روسيا أمام تعقيدات و متاهات جديدة في سوريا.

من هذا المنطلق ترى روسيا أن السعودية، و بعد حل الأزمة اليمنية وفق منظورها، ستتفرغ و حلفائها في الرباعية للضغط على روسيا، و املاء شروطهم عليها في سوريا، ما سيجعل عبء الملف السوري ثقيلا على موسكو.

علاقة الأزمة اليمنية بالسورية

و من هنا جاء التدخل الروسي في الملف اليمني، بهدف الضغط على السعودية و حلفائها، باعتبار أن الملف اليمني يحظى بأهمية لدى الرياض، أكثر من غيره من ملفات الصراع الأخرى في المنطقة.

كل ذلك سيجعل من الملف اليمني، خلال الأيام القادمة، يدخل بقوة ضمن اجندات القوى الدولية و الاقليمية الفاعلة في المنطقة، و التي ستضغط لرسم الخطوط العريضة لأي تسوية سياسية في اليمن، بما يتوافق مع مصالحها في المنطقة بشكل عام و لو بالحد الأدنى، و بما لا يضر بالمصالح الخاصة بهذه القوى مستقبلا.

تغيرات على الطاولة

و على ذلك يمكن القول بأن التأثير السعودي الكبير على الملف اليمني سيتراجع بدرجة معينة، مع الدخول الروسي في خط الأزمة اليمنية، ما سيلقي بضلاله على الجولة القادمة من المفاوضات، و التي يبدو أن شروط انعقادها ستتغير كثيرا عن الجولات السابقة.

و عوضا عن ذلك ستتغير الأولويات العسكرية التي كان يضعها التحالف السعودي خلال مرحلة ما بعد فشل مفاوضات الكويت، و التي كان أهمها تليين مواقف مفاوضي أطراف صنعاء على الطاولة، خاصة و أن مسألة الحسم العسكري لم تعد في الحسبان بعد عام ونصف من الحرب.

مستقبل الصراع

و في المجمل قد يشتعل الملف اليمني أكثر في حال لم تتفق القوى الاقليمية و الدولية الفاعلة في الملف اليمني، و الذي لابد أن يسبقه توافق في ملفات أخرى؛ خاصة الملف السوري.

و في حال عدم الاتفاق ستعود الجبهات للاشتعال مرة أخرى، حتى التوصل لاتفاق، و بالتأكيد سيكون الميدان حاسما في فرض اشتراطات جولة التفاوض القادمة.

و في حال ساد و لو الحد الأدنى من التوافق، بين القوى الفاعلة في الملف اليمني، سيتراجع التصعيد الميداني، و سيذهب المتفاوضين للالتقاء حول الطاولة. غير أن ما سيخرج به المتفاوضون إن تمكنوا من الوصول إلى اتفاق لن يكون يمنيا خالصا، بل سيكون خليطا لرغبات القوى المحلية المتصارعة و القوى الاقليمية و الدولية، ما سيجعل الحل مرتبط بكثير من مشاكل المنطقة، و هو ما سيقف عائقا أمام عودة الاستقرار إلى اليمن، و الذي سيظل مرهونا بالاستقرار في المنطقة بشكل عام، و بالذات في سوريا.

و على المستوى الداخلي، سيعود الفرقاء ليتقاسموا الحكم، لكن سيظل تأثير الخارج الاقليمي و الدولي مربكا لاستقرار البلد، و تثبيت سلطات الدولة و تعافي الاقتصاد المدمر، ما لم تحصل متغيرات تخفف على الأقل من تأثير بعض القوى الاقليمية على القرار الوطني، الذي يجب أن يكون يمنيا خالصا، حتى تتمكن البلاد من الوصول إلى استقرار سياسي، و الذي لن يصل اليه اليمنيين إلا بانتخابات حرة تؤسس لشرعية دستورية جديدة.              

 للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

زر الذهاب إلى الأعلى